إن التحديات المتمثلة في إضفاء الطابع الاحترافي على جيوش أفريقيا لا حصر لها ولكن التغلب عليها ليس محصنًا. لقد تم استغلال التحيزات العرقية والقبلية، التي ورثتها بعض الجيوش من الحقبة الاستعمارية، عن قصد من قبل مجموعة (عرقية وسياسية) لكسب السلطة أو التمسك بها على حساب الآخرين. بالنسبة للدول النامية في أفريقيا، من الضروري أن يكون الجيش، كمؤسسة رئيسية مسؤولة عن الدفاع والحماية في أي بلد، منظومة وطنية وجماهيرية. لذلك، يجب أن تكون غير سياسية وتكرس نفسها حصريًا لمهمتها. لكن لسوء الحظ، فإن التحديات التي يواجهها النظام الدستوري من قبل الجيش والسلوك الذي يتعارض مع سيادة القانون من قبل القادة العسكريين والسياسيين على حد سواء، هي أمور شائعة في أفريقيا. هذا الموقف يقوض مصداقية الجيش في أعين السكان المفترض الدفاع عنهم. ومن الضروري للغاية عكس هذا الاتجاه، لأنه يمثل عائقًا كبيرًا أمام السعي إلى إضفاء الطابع المهني على الجيوش وتعزيز الديمقراطية في أفريقيا.
في الميدان، تفتقر الجيوش الأفريقية بشدة إلى القدرة التشغيلية على تنفيذ مهمتها بفاعلية. ويعزى بعض ذلك إلى محدودية الموارد، لكن هياكل ومهمات القوات العسكرية التي لا تستقيم مع التحديات الأمنية التي تواجهها الدول الأفريقية، لا سيما الأهمية المتزايدة للتهديدات العابرة للحدود المحلية أو غير الحكومية، تُسهم بشكل أكبر في ضعف الأداء والمعنويات. لذلك يجب إعادة تنظيم القوات المسلحة لأفريقيا لتحسين التوفيق بين القدرة التشغيلية مع هذه التهديدات كجزء من الموقف الأمني الاستراتيجي.
لكن الاحتراف العسكري هو أكثر بكثير من مجرد مفهوم إداري. إذ يعتمد استقرار المجتمع وحيويته على سلوك الجيوش بطريقة منضبطة ومشرفة. وسيبدأ السعي وراء الاحتراف في الجيوش الأفريقية بغرس القيم الأساسية للأخلاقيات. إن الحد الأدنى للقيم والخصائص التي يجب على جميع الأفراد العسكريين في أفريقيا إظهارها هو الولاء لبلد الفرد ودستوره والانصياع للسلطة المدنية الديمقراطية والشعور بالواجب واحترام سيادة القانون. فإذا تم الالتزام بهذه المبادئ الأساسية، لن تتسم الجيوش الأفريقية بالاحتراف بشكل متزايد فحسب، بل ستسهم بشكل ملموس في تحسين الأمن والحكم الديمقراطي في القارة مع اكتساب احترام جديد من قبل المواطنين.