عصابات إجرامية تزعزع استقرار شمال غرب نيجيريا

تستغل العصابات الإجرامية التواجد المحدود لقطاع الأمن في المنطقة للقيام بهجمات متزايدة على السكان في شمال غرب نيجيريا، بما في ذلك عمليات الخطف الجماعي لأطفال المدارس.


English | Français | Hausa | العربية

Criminal bandit gang in Birnin Magaji

عصابة إجرامية في بيرنين ماجاجي بولاية زمفارا. (حقوق الصورة لـ د. مورتالا روفائي)

تهدد العصابات الإجرامية الصغيرة، المعروفة في وسائل الإعلام الوطنية باسم “قُطَّاع الطرق”، بشكل متزايد المنطقة الشمالية الغربية من نيجيريا، حيث تستهدف الماشية وتمارس النهب وانتزاع الفدية من المزارع والقرى الريفية. ولا تتردد هذه العصابات في استخدام العنف، بما في ذلك القتل، لترهيب القرويين وإجبارهم على الخضوع. وتشير التقارير إلى أن هذه العصابات الإجرامية قد تورطت منذ عام ٢٠٢٠ في أكثر من ٣٥٠ حدثاً عنيفاً وارتبطت بأكثر من ١٥٠٠ حالة وفاة. ويمثل هذا زيادة بنسبة ٤٥ في المائة في الهجمات وزيادة بنسبة ٦٥ في المائة في الوفيات مقارنةً بالفترة ٢٠١٨-٢٠١٩، والعديد من الهجمات وعمليات الاختطاف الصغيرة تمر دون الإبلاغ عنها.

وتصدرت هذه العصابات، التي استفحلت ضراوتها وزاد تنظيمها كمؤسسات إجرامية متطورة، عناوين الصحف العالمية بسلسلة من غارات الاختطاف الجماعية على المدارس الداخلية في ولايات كادونا وكاتسينا والنيجر وزمفارا. وعادةً ما يتم احتجاز الضحايا بعد ذلك للمطالبة بفدية ضخمة تؤدي في كثير من الأحيان إلى إفلاس الأسرة المتضررة. ونتيجةً للتعرض بشكل متزايد لهذه المداهمات، أغلقت مئات المدارس أبوابها وأكثر من مليون طفل في المنطقة لا يحضرون الحصص الدراسية.

وقد دفعت هذه الحوادث وغيرها من الهجمات السلطات النيجيرية إلى قطع الاتصالات المحمولة في المنطقة وتقييد الحركة والتجمعات الكبيرة. ومؤخرًا، قضت محكمة فيدرالية بناءً على طلب من رئيس النيابات العامة بأن العصابات الإجرامية في الشمال الغربي “إرهابية”، مما يمهد الطريق لتخفيف قيود الاشتباك العسكري ولكن يمكن أن تؤدي الاستجابة الأمنية العشوائية إلى تصعيد حالة عدم الاستقرار.

تحدث مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية إلى خبيرين نيجيريين حول تدهور الأوضاع الأمنية في الشمال الغربي. كونلي أديباجو، وهو صحفي قدم تقارير مكثفة عن أزمة قُطَّاع الطرق، والدكتور مورتالا روفائي، وهو محاضر في قسم التاريخ، جامعة عثمانو دان فوديو، سوكوتو.

 *     *     *

العنف الإجرامي في شمال غرب نيجيريا

لماذا تفاقمت حالة انعدام الأمن والأزمة الإنسانية التي تؤثر على ولايات الشمال الغربي في الآونة الأخيرة؟

أديباجو: إن الوضع في الشمال الغربي يزداد سوءًا بالفعل. وكانت هناك زيادة في عدد حوادث العنف والوفيات وضحايا الاختطاف كما وثقها موقع مركز التعقب الأمني النيجيري (NST) التابع لـ [مجلس العلاقات الخارجية]. وتضاعف عدد جرائم الاختطاف في الشمال الغربي عام ٢٠٢١ مقارنةً بعام ٢٠٢٠، ويؤدي هذا إلى الاستمرار في الاتجاه المتدهور على مدى السنوات العديدة الماضية، مما أدى إلى وفيات تقترب من ١٠٠٠ شخص سنويًا. ومن المحتمل أن يكون هذا العدد أقل من العدد الحقيقي بكثير. حيث يوجد الآن أكثر من ٤٥٠ ألف نازح داخليًا وفقًا لـ المنظمة الدولية للهجرة – بينما تشير مصادر أخرى إلى أعداد إجمالية أعلى.

في السابق، كانت الهجمات تتركز في الغالب في المناطق الريفية، ولكن قُطَّاع الطرق الآن يغامرون في المجتمعات النائية بعيدًا عن مخابئهم. ويرجع ذلك إلى أن العديد من تلك المناطق تعرضت لعمليات هجوم متكررة، وأنها تعاني من فقر متزايد. لذا فإن مجموعات قُطَّاع الطرق تحول أنظارها إلى المجتمعات الحضرية للحصول على المزيد من الأموال، وسرقة المزيد من الماشية، والحصول على فديات أكبر. والآن يمكنك أن ترى زيادة عدد الهجمات التي تشنها عصابات اللصوص على مقار الحكومة المحلية والمجتمعات الأكبر الأقرب إلى الطرق السريعة الفيدرالية – خاصةً وأنها حصلت على القوة البشرية والأسلحة لمواجهة أهداف أكبر. وهذا العام، هاجم قُطَّاع الطرق القواعد العسكرية ومراكز الشرطة في زمفارا وسوكوتو، مما أتاح لهم الوصول إلى قوة نيران أكبر.

ويُعتبر أحد العوامل الرئيسية الأخرى هو غياب المنظومة الشرطية والعسكرية المناسبة في المناطق المتضررة، حيث أصبحت المجتمعات التي لديها فريق دورية شرطة متنقل (MOPOL) بمثابة حاميات عسكرية في الشمال الشرقي وتتمتع بدرجة أعلى بكثير من الأمان من غيرها. لذلك، فإن الأفراد المحرومين من هذا الوجود الشرَطي يهاجرون إلى هذه الأماكن، إما بشكل دائم أو في الليل فقط في الأوقات التي تكثر فيها الهجمات. كما تبين أن وجود مجموعات حراسة أهلية مسلحة أو مجموعات أهلية مسلحة يردع قُطَّاع الطرق. لكن هذا سيف ذو حدين، لأن الحراس المنشقين قد يشنون هجمات انتقامية على مجتمعات الرعاة المجاورة، مما يساهم في مزيد من التصعيد. وفي هذه العملية، هناك العديد من التجاوزات والقتل خارج نطاق القضاء.

الشرطة في ولاية كادونا. (الصورة: ألان ليونارد)

الشرطة المتنقلة في نيجيريا

الشرطة المتنقلة، المعروفة أيضًا باسم MOPOL، هي وحدة شبه عسكرية تابعة لشرطة نيجيريا تأسست في الأصل عام ١٩٦١ كفرقة لمكافحة الشغب. ومع ذلك، فقد توسعت وظائفها لتشمل مجالات أخرى بما في ذلك ردع العنف المسلح على نطاق واسع، حيث يتم نشر الضباط في جميع أنحاء البلاد لحماية الأصول الوطنية والأفراد المهمين، وفرض القانون والنظام في المناطق غير المستقرة، ومحاربة الجهات الفاعلة العنيفة غير الحكومية. ويُعتقد أن أفراد الشرطة المتنقلة أكثر فعالية من أفراد الشرطة العاديين، فهم يشاركون بدَأَب في عمليات مكافحة التمرد في الشمال الشرقي ولديهم أيضًا وجود بارز في الشمال الغربي حيث يقومون بحماية السكان من قطاع الطرق.

روفائي: لسنوات، كان الأمن في الشمال الغربي يتدهور لأن الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات لم تقدّر خطورة مشكلة قطع الطرق وسعت في الماضي إلى التقليل من شأنها (حيث رفضت في بعض الأحيان دخول مجموعات المساعدة ولم تسمح بإنشاء معسكرات للنازحين داخليًا). ولم تستثمر الحكومة في فهم الديناميكيات الإقليمية وكيفية عمل مجموعات قُطّاع الطرق داخلها، وبالتالي، لم تضع أبدًا سياسات متسقة أو منسقة للتصدي لعمليات الخطف والهجمات المتزايدة التي تقوم بها هذه العصابات الإجرامية.

وفي العام الماضي، أدت تدابير كوفيد – بما في ذلك إغلاق الحدود الدولية مع النيجر، والقيود في الأسواق، والإغلاق الجزئي – إلى الكثير من الأزمات لسكان المنطقة الشمالية الغربية. وازداد الفقر والبطالة، وهو ما وثقناه في دراسات استقصائية للمجتمعات الريفية. ففي البداية توقفت التجارة عبر الحدود، ولكن بعد ذلك انتعش النشاط التجاري غير الرسمي. ومع ذلك، ازداد الفساد والرشوة منذ أن تم حظر هذه الأنشطة رسميًا. واستغلت عصابات قُطَّاع الطريق الوضع من خلال توفير الإمدادات الغذائية لبعض المجتمعات المتضررة بشدة ثم تجنيد الشباب والمخبرين منهم. وهذا هو النمط الذي اتبعوه في الماضي – استغلال الفقراء في ظل فساد الحكومة أو غيابها.

هناك العديد من القرى التي تعمل كمجتمعات مضيفة لبعض العصابات. وتختبئ العصابات في الغابات المجاورة وتسمح للقرى بمواصلة الحياة الطبيعية طالما أن هذه القرى توفر الجبايات والمجندين. وفي المقابل، يحمي قطاع الطرق هذه القرى من العصابات الأخرى ويقدمون لها أحيانًا الطعام والمواد الأخرى في أوقات الحاجة.

من هي الجماعات المسلحة التي تقود الأزمة؟ كم عدد هذه الجماعات وما هو حجمها عادة؟ هل هذه الجماعات مؤسسات إجرامية كبيرة، يقود كل منها زعيم محدد، أم هناك العديد من العصابات الصغيرة المتجولة بدون ولاءات وقيادة مركزية؟

Nigerian Motorbike

دراجة نارية في شمال غرب نيجيريا. (الصورة: جيريمي ويت)

أديباجو: من الصعب الحصول على أرقام دقيقة، حيث قدّرت لجنة لتقصي الحقائق شكلتها حكومة زمفارا أن هناك ما لا يقل عن ١٠٥ معسكر لقُطَّاع الطرق في الولاية التي يشن منها قُطَّاع الطرق هجماتهم وحولها. ونشأت معظم المجموعات في زمفارا، وهي تعمل من عدة مناطق حرجية تربط عدة ولايات ببعضها وتعمل كممر بينها؛مما يُمَكِّن تلك المجموعات من التحرك بحرية، حيث تقع زمفارا على حدود العديد من الولايات الشمالية الغربية: سوكوتو وكيبي والنيجر وكادونا وكاتسينا. وتمكن أحد الباحثين من توثيق ٦٢ مجموعة قطاع طرق، معظمها في زمفارا، يتراوح أعداد منتسبيها بين ما لا يقل عن ٢٨ إلى ٢٥٠٠ رجل. وبعض قادة قطاع الطرق الرئيسيين هم بيلو تورجي جود، وهليلو سوبوبو، وشيهو ريكيب، وأبو بكر عبد الله (المعروف باسم دوجو جايد، والذي ورد أنه قُتل). والمجموعات مستقلة عن بعضها البعض ولكن لها مستويات مختلفة من التأثير على العصابات الأخرى حسب حجمها وقوتها. ولهذا من الصعب أن يؤدي أي حوار مع زعيم عصابة لتأثير واسع على الوضع الأمني العام.

روفائي: وفي الماضي كانت هناك مئات العصابات الصغيرة المنشقة المتمركزة بين ولايتي زمفارا وكادونا. وسيطر قادة مختلفون على مناطق مختلفة للتخفيف من حدة الخلافات بين العصابات، لكن المجموعات التي كانت تحت قيادة هؤلاء الزعماء كانت تتمتع باستقلالية نسبية. لذا، فإن ولايتي النيجر وكادونا كانتا تحت قيادة أبو بكر عبد الله، بينما كانت كاتسينا تحت قيادة الراحل أوالون دوداوا ودانغوتي بازامفر. وتخضع ولاية سوكوتو الشرقية لسلطة تورجي، كما أن هناك العديد من القادة المتنافسين في ولاية زمفارا.

نشاط العصابات الإجرامية في زمفارا

بلدة نائية في ولاية زمفارا. (الصورة: أوسينوفو أولواسون أوموتايو)

تاريخياً، نشأت مشكلة قُطَّاع الطرق في شمال غرب نيجيريا في زمفارا إلى حد كبير كنتيجة لعمليات تسجيل سندات ملكية الأراضي الفاسدة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والتي استفادت منها نخب الهوسا على حساب الرعاة. وتُعد مناطق الغابات في ولاية زمفارا أحد الأسباب التي أدت إلى نشوء عصابات تتخذ من الإجرام وسيلة دائمةً لكسب العيش هناك، كما تدير العصابات مناجم الذهب الحرفية في زمفارا وتستغل حدودها الدولية مع النيجر للاستفادة من تهريب الأسلحة والمخدرات.

في العام الماضي، بدأت العديد من هذه العصابات المتنافسة في توحيد قواها ضد العدو المشترك المتمثل في جماعات حماية المجتمع والحكومة منذ دخلت تدابير ردع قُطَّاع الطرق (قطع الاتصالات، والقيود المفروضة على البنزين، وحظر الدراجات النارية) حيز التنفيذ. وقد مُكَّنت هذه الوحدة العصابات من تبادل المعلومات حول تحركات قوات الأمن وتوحيد القوى البشرية لمهاجمة القرى الكبيرة والبلدات التي تتمتع بحراسة أفضل. وهذا تطور مقلق، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان سيستمر لأن العصابات كانت في الماضي مستقلة بشدة، وغالباً ما تتناوش على أراضيها.

ماذا تريد هذه المجموعات؟

أديباجو: في الغالب المال والأهمية. وتحقق الجماعات دخلاً من وسائل مختلفة: السرقة من السكان المحليين (الأموال والأشياء الثمينة والماشية)، أو فرض الجباية على المجتمعات (لاستخدام مزارعهم أو لتوفير الحصانة من الهجمات على سبيل المثال)، أو من خلال مدفوعات الفدية من الأفراد والحكومات. كما أنهم، في بعض الأحيان، يستولون على الأراضي الزراعية الخصبة، والتي يقوم أفراد العصابة بعد ذلك بزراعتها بأنفسهم.

لقد اشتكى قُطَّاع الطرق في بعض المقابلات من تهميش الحكومة لهم وعدم تمكنهم من الحصول على الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية. واحتجوا على التعرض للتمييز باعتبارهم من شعب الفولاني. لكن العمليات الإجرامية والإرهابية التي يقوم بها قُطًّاع الطرق هي في الغالب تجارية بطبيعتها وليست سياسية أو عرقية. ووصف بعض الشبان كيف انضموا إلى عصابات قُطَّاع الطرق بعد أن تعرضوا هم أنفسهم لمداهمات قطاع الطرق وخسروا كل شيء، ولم يُترك أمامهم سوى القليل من الخيارات الأخرى، ولم نرَ بعد أي أجندة جماعية كبرى كما هو الحال مع بوكو حرام في الشمال الشرقي، حيث أن الانتهازية هي طريقة عملهم الحالية.

روفائي: نشأ العنف في الشمال الغربي في البداية من النزاعات على الأراضي التي سبَّبها التدهور البيئي، والنمو السكاني، وخاصةً الفساد الحكومي فيما يخص حقوق الأراضي الذي عمل لصالح النخب التي لها علاقات سياسية على حساب الرعاة الذين لم يجدوا سبيلا للاستفادة من أراضي الرعي ومسارات الماشية التي كانت لهم في الماضي وعبر التاريخ. ولكن عندما بدأت العصابات التي تم تجنيدها من الرعاة الساخطين في مهاجمة المجتمعات الزراعية وأدركت أن لديهم القوة والزخم والقدرة على مداهمة هذه المجتمعات متى شاءوا، اتخذ الصراع بعدًا جديدًا من حيث الدافع لأسباب اقتصادية، وأصبح البعض يتخذ من الغزو وسيلة دائمة لكسب العيش. كما أصبح العنف الآن نشاطاً إجرامياً مدفوعاً بمكاسب اقتصادية خالصة ومباشرة.

“أصبح العنف الآن نشاطاً إجرامياً مدفوعاً بمكاسب اقتصادية خالصة ومباشرة”.

ومع ذلك، فإن الإجراءات الحكومية الجديدة تؤجج المظالم العرقية في مجتمعات الفولاني في المنطقة، والذين يشعرون أنهم يتعرضون بشكل غير عادل للتمييز والاستهداف بسبب سياسات الردع التي تتخذها الحكومة. ويساعد هذا الشعور العصابات في تجنيد الشباب الذين تأثرت سبل عيشهم بهذه السياسات. كما أنها تساعد العصابات في انتهاز الموقف لتكوين فرق وتشكيل تحالفات تحت راية الدفاع عن شعب الفولاني على الرغم من أن العصابات لا تزال تهاجم الرعاة الفولانيين والعديد من أفراد العصابات لا يتحدثون اللغة الفولانية أصلا.

ما هي مظاهر نجاح وفشل الاستجابة الأمنية الحالية؟ ما الذي نجح في الماضي؟

أديباجو: لا شك أن الاستجابة الأمنية الحالية لا تتناسب مع حجم الخطر. ولا يوجد عدد كافٍ من ضباط الشرطة في الميدان، والضباط المتاحون ليسوا مجهزين بما يكفي لهذه المهمة. كما أن القوات المسلحة للبلاد منهكة للغاية. يوجد حوالي ٣٣٤ ألف ضابط شرطة في البلاد، ولكن يُقدر أن ما يقرب من نصف هؤلاء يتم نشرهم كمرافقين مسلحين للسياسيين أو الأشخاص الذين يمكنهم تحمل تكلفة الخدمة. وهذا يترك جزءًا صغيرًا من القوة لحماية بقية السكان. وقد اشتكى حاكم كاتسينا مؤخرًا من أن عدد ضباط الشرطة في ولايته لا يتجاوز الثلاثة آلاف.

وأثبتت الجهود السابقة في التفاوض بشأن معاهدات السلام وبرامج العفو مع قُطَّاع الطرق في أماكن مثل زمفارا أنها باءت بالفشل حتى الآن. وعلى الرغم من الإبلاغ عن نجاحات مبكرة، إلا أن هذه الترتيبات سرعان ما انهارت، حيث أعرب الحكام عن إحباطهم من تجدد الهجمات وتدهور الوضع الأمني. ولم تنجح هذه الصفقات، في كثير من الأحيان، بسبب القيادة الهشة لعصابات قطاع الطرق وحقيقة وجود العديد من المجموعات المستقلة عن بعضها البعض.

تحتاج الاستجابة الأمنية أيضًا إلى أن تكون مدعومة بمزيد من المراقبة والشرطة المجتمعية. وسيتطلب ذلك بناء ثقة الجمهور في الأجهزة الأمنية، وتحسين عمليات التوصيف وجمع البيانات وتوسيع نطاقهما، ووجود عدد كافٍ من الكفاءات في وكالات إنفاذ القانون والوكالات العسكرية لمتابعة المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها. وهناك أمثلة لقادة عسكريين استثنائيين كانوا متعاونين جدًا مع المجموعات الأهلية المسلحة ورافقوا رجالهم في غارات على معسكرات قُطَّاع الطرق في الغابات. وعندما رأت المجتمعات المحلية هذا النوع من التفاني، كانت حريصة على العمل معهم وتقديم المعلومات الاستخبارية. ولكن بعد ذلك يستلم هؤلاء القادة مهام أخرى، وغالبًا ما لا يكون أداء خلفائهم على نفس المستوى.

أسوار مدينة كادونا. (الصورة: ألان ليونارد)

روفائي: أدت إجراءات الردع الأخيرة التي تستخدمها الحكومة إلى إرباك قُطَّاع الطرق لفترة وجيزة، لكنهم تكيفوا واستفادوا من الوضع الآن. فهم يتواصلون عبر الهواتف الساتلية (التي تعمل بربطها بالستلايت)، بينما فقدت المجتمعات المحلية قدرتها على التواصل مع قوات الأمن وإطلاعها على آخر المستجدات بشأن هجمات قطاع الطرق الوشيكة نتيجة لانقطاع الشبكات الخلوية. كما أدت القيود المفروضة على الحركة إلى ارتفاع الأسعار وإلحاق الضرر بالمجتمعات الريفية نتيجةً لذلك. ويطالب قطاع الطرق بجباية أعلى لتغطية تكاليف البترول المتضخمة؛ مما يزيد من إفقار المجتمعات التي يمكن أن يُجنِّد منها قطاع الطرق مجندين جدد.

أرسلت الحكومة الفيدرالية مزيدًا من القوات إلى المنطقة، لكنهم ما زالوا يعانون من إرهاق شديد مع انتشار العديد منهم أيضًا في الشمال الشرقي ضد بوكو حرام. ويمكث الجيش في الغالب في المدن المحصنة والبؤر الأمامية ونادرًا ما يتحرك إلى المجتمعات المحلية التي تكون فيها مجموعات قُطَّاع الطرق هذه وقادتها معروفةً علانيةً ويمكن لكل طفل أن يشير إليهم. وغالبًا ما يبدو أن الضربات الجوية التي يشنها الجيش تستهدف قطعان الماشية، مما يخيفها ويشتتها، وهذا يؤدي إلى زيادة فقر مجتمعات الرعاة. وغالبًا ما تكون الغارات الجوية عقيمة وخطيرة لأن قطاع الطرق يستخدمون القرى الريفية كدروع بشرية، مما يعني أنه من الصعب عزلهم كأهداف.

أصبحت المجموعات الأهلية المسلحة أكثر ظهورًا في الشمال الغربي. وردًا على أحداث العنف المبكرة، غالبًا ما كانت هذه المجموعات تستهدف الفولانيين بشكل عشوائي وتضايقهم مما زاد من سوء الوضع. وكانت القسوة التي مارسها حراس يان ساكاي (“الحراس المتطوعون” في الهوسا) ضد الرعاة بمثابة بداية لظهور عصابات تتخذ من قَطع الطرق سبيلا أساسيًا لكسب العيش في المنطقة بدءًا من عام ٢٠١١. ويتحدث العديد من أعضاء الحراسة بصراحة عن المشاعر المعادية للفولانيين والشعور بأن هناك تهديدًا من الفولانيين يجب التعامل معه بقسوة. لذلك، فإن عنف العصابات الإجرامية والرد عليه يمكن أن يتصاعد إلى صراع طائفي أوسع.

“أحد النماذج الممكنة هو «قوة المهام المدنية المشتركة في الشمال الشرقي»، والتي من شأنها أن تساعد في توفير وجود أمني دائم من خلال تدريب الحراس وإعطائهم رواتب ومحاسبتهم ضمن خطة عمل رسمية”.

إن استخدام الميليشيات المتطوعة لحماية المجتمعات أمر مفهوم بسبب ضعف الوجود الأمني، لكن مجموعات الحراسة مثل يان ساكاي غير قانونية من الناحية الفنية وغير مدربة وغير خاضعة للمساءلة. ولقد كانت السياسات الحكومية لولايات منطقة الشمال الغربي متضاربة وتتأرجح بين رعايتها بشكل غير مباشر وحظرها وإدانتها. ومن المعروف أن الشخصيات السياسية القوية تستخدمها لتصفية الحسابات. وهناك حاجة إلى سياسة متسقة ومنسقة للحد من الانتهاكات التي ترتكبها هذه الجماعات، التي تعمل كميليشيات عرقية من الهوسا وتضفي طابعًا عرقيًا على الصراع. أحد النماذج الممكنة هو قوة المهام المدنية المشتركة في الشمال الشرقي، والتي من شأنها أن تساعد في توفير وجود أمني دائم من خلال تدريب الحراس وإعطائهم رواتب ومحاسبتهم ضمن خطة عمل رسمية.

يمكن لبرامج العفو أن تنجح لأن بعض قادة قُطَّاع الطرق يعلنون أنهم يريدون السلام. وتمثل برامج العفو المنسقة والمنفذة بشكل جيد خيارًا عمليًا لأنه، بخلاف ذلك، سيكون من الصعب للغاية هزيمة هذه الجماعات الآن بعد أن أصبحت العديد من العصابات مترسخة داخل المجتمعات وتعمل كجهات ذات سيادة في ظل غياب الدولة. ولقد فشلت المحاولات السابقة لمنح العفو لأنها شملت ولاية واحدة فقط ولم يتم تنسيقها واستكمالها، حيث كانت صفقات شكلية انهارت تحت الضغط. ويمكن لحملة عسكرية على الأرض تستهدف القبض على قادة قطاع الطرق ومحاسبتهم إلى جانب برنامج عفو مُصمم بشكل جيد أن تبدأ في تحقيق نتائج.


مصادر أضافية