اضغط هنا للحصول على نسخة PDF يمكن طباعتها
يُقصد بالتضليل النشر المتعمد لمعلومات كاذبة بقصد الترويج لهدف سياسي. كانت إفريقيا الهدف المتكرر بشكل متزايد لمثل هذه الحملات. في السنوات الأخيرة، ضخت العشرات من الحملات المصممة بعناية ملايين المنشورات الخاطئة والمضللة عن عمد في المساحات الاجتماعية عبر الإنترنت في إفريقيا. وكان للارتباك اللاحق لهذا النشر لاكتشاف الحقيقة من الخيال تأثير مدمر على الثقة الاجتماعية، والتفكير النقدي، وقدرة المواطنين على الانخراط في السياسة – والذي يعد شريان الحياة لديمقراطية فاعلة – بشكل نزيه.
كانت روسيا المزود الرئيسي لحملات التضليل في إفريقيا بما لا يقل عن ١٦ عملية معروفة للتضليل في القارة. بالاعتماد على إرث يعود تاريخه إلى جوزيف ستالين (الذي صاغ مصطلح dezinformatsyia (التضليل))، تم تكييف التكتيكات المستهدفة للتضليل في إفريقيا من الإستراتيجية العسكرية الروسية “للحرب الغامضة”. تعمل هذه الإستراتيجية على تضخيم المظالم واستغلال الانقسامات داخل المجتمع المستهدف، مما يعزز التشرذم والتقاعس – كل ذلك مع منح الجناة القدرة على الإنكار الجديرة ظاهريًا بالتصديق. غالبًا ما يكون الهدف إرباك المواطنين بشكل أكثر من الإقناع – وبالتالي خلق تكافؤات زائفة بين
“قام يفغيني بريغوزين، وهو روسي من الأقلية الحاكمة يقود قوة المرتزقة سيئة السمعة التي يطلق عليها اسم مجموعة فاغنر، بتصدير حملات تضليل إلى كل دولة إفريقية عملت فيها فاغنر.”
حملات التضليل الروسية موجهة نحو تحقيق هدف سياسي. وتتضمن هذه الأهداف دعم نظام إفريقي منعزل، والذي يكون حينها مدينًا بالفضل لموسكو. قام يفغيني بريغوزين، وهو روسي من الأقلية الحاكمة يقود قوة المرتزقة سيئة السمعة التي يطلق عليها اسم مجموعة فاغنر، بتصدير حملات تضليل إلى كل دولة إفريقية عملت فيها فاغنر. بالإضافة إلى تعزيز النظام المفضل ودور روسيا في القارة، فإن رسائل هذه الحملات تكون معادية للديمقراطية، ومعادية للغرب، ومعادية للأمم المتحدة.
النجاح الروسي في الوصول إلى جمهور إفريقي كبير عبر الإنترنت مع القليل من النفقات العامة أصبح مصدرًا للإلهام لحملات التضليل من قبل الحكومات الأجنبية الأخرى. فقد تبنت جهات فاعلة محلية تكتيكات مماثلة لتحقيق غايات سياسية في عدد متزايد من البلدان الإفريقية. من بين الأكثر من ٥٠ حملة تضليل الموثقة في القارة، ما يقرب من ٦٠ في المائة من تلك الحملات مدفوعة من الخارج، على الرغم من أن هذه الأرقام غير دقيقة بطبيعتها.
وبمرور الوقت، أصبحت حملات التضليل في إفريقيا معقدة بشكل متزايد فيما يتعلق بالتمويه لتغطية منشأها عن طريق الاستعانة بالجهات المؤثرة المحلية “الحاصلة على حقوق الامتياز” والذين يتم توفير المحتوى لهم من مصدر مركزي لإجراء عمليات النشر. تجعل هذه الإستراتيجيات من الصعب اكتشاف حملات التأثير الخبيثة هذه والتخلص منها.
من المحتمل أن تكون حملات التضليل التي تم تحديدها جزءًا بسيطًا من إجمالي استهداف القارة. تقول تيسا نايت، وهي باحثة تعمل في جنوب إفريقيا في مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي التابع للمجلس الأطلسي، “في كل مرة أبدأ فيها البحث عن معلومات مضللة منسقة قبل الانتخابات أو حول النزاعات، كنت أكتشف أنها موجودة. لم أحقق في مساحة على الإنترنت في إفريقيا إلا ووجدت بها معلومات مضللة. أعتقد أن الكثير من الناس لا يدركون حجم التضليل الذي يحدث في إفريقيا ومدى تشويه ذلك التضليل لشبكات المعلومات.”
لم تكن إزالة المحتوى غير الصحيح من الأولويات
كافحت مواقع التواصل الاجتماعي لاحتواء تأثير هذه الشبكات وإزالة ذلك المحتوى المضلل قبل أن يستهلكه المستخدمون المستهدفون وينشرونه.
يتطلب تحديد حملات التضليل المعقدة بشكل متزايد الكثير من الوقت والجهد. ومع ذلك، عندما يتم الكشف عن هذه الحملات في إفريقيا، كانت منصات وسائل التواصل الاجتماعي مترددة في اتخاذ إجراءات كافية أو الاستثمار في مستوى الإشراف على المحتوى الإفريقي المطلوب للحد من التضليل في الوقت الفعلي الحقيقي.
رفض موقع Facebook مؤخرًا إزالة الشبكات المنسقة العاملة في منطقة الساحل، على الرغم من احتوائها على كل بصمات التضليل الروسي، الأمر الذي خيب أمل باحثي وسائل التواصل الاجتماعي والمراقبين. هذا جزء من نمط يتمثل في إعطاء أولوية أقل لإزالة المحتوى غير الصحيح في إفريقيا. كما يسلط الضوء على أن الإشراف على المحتوى والتحقق من الحقائق والتحقيقات بشأن هذه الحملات في إفريقيا أمر بالغ الأهمية ويحتاج إلى مزيد من التمويل وبناء قدرات إفريقية أكبر.
“تستغل الجهات الفاعلة الروسية وغيرها من الجهات الخارجية والمحلية بنشاط مواقع مثل Facebook وTwitter وTelegram وTikTok لتشويه بيئة المعلومات عمدًا.”
إن السماح للشبكة الموجودة في منطقة الساحل بالبقاء نشطة يعكس أيضًا عدم الرغبة الأكبر من جانب شركات وسائل التواصل الاجتماعي في التعامل مع حقيقة أن خوارزمياتها تزيد من المحتوى التحريضي. وردًا على ادعاءات عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي بأنهم يحاولون أن يكونوا محايدين، يؤكد المحللون أن السماح بتضخيم المحتوى الكاذب عن قصد على منصاتهم هو بحد ذاته تحيز ويساهم في تشكيل نظم المعلومات بشكل فعال بطريقة تضر بالخطاب الديمقراطي المستنير.
كما أن المزيد من الديمقراطية الحقيقية هو الشيء الذي ترغب فيه أغلبية قوية من الأفارقة – وهو الأمر الذي يظهر بكل وضوح لدى المواطنين في السودان وليبيا ومالي وغينيا وتشاد وبوركينا فاسو، من بين دول أخرى، والذين يحاولون المشاركة في العملية السياسية في بلادهم على الرغم من مخاطر العنف الذي ترتكبه قوات الجيش (والتي يحصل العديد منها على الدعم من قبل الحكومات الأجنبية التي تكون وراء حملات التضليل).
تستغل الجهات الفاعلة الروسية وغيرها من الجهات الخارجية والمحلية بنشاط مواقع مثل Facebook وTwitter وTelegram وTikTok لتشويه بيئة المعلومات عمدًا. إنهم يفعلون ذلك على الدوام من أجل تعزيز هدف غير ديمقراطي. وبالتالي، فإن التضليل يعد بمثابة محاولة لتقويض السيادة الشعبية في إفريقيا. إن زرع انعدام الثقة وتقويض الحقيقة يؤدي كذلك بطبيعته إلى زعزعة الاستقرار – وهي نتيجة من المرجح أن يتسع نطاقها حتى تكون هناك جهود مكثفة لمكافحتها.
انقر هنا للحصول على نسخة PDF ذات ارتباطات تشعبية وقابلة للطباعة من هذا المخطط.
مصادر أضافية
- نصائح لتقصي الحقائق في إفريقيا
- جيسون بيرك، "Facebook يكافح مع تكثيف روسيا تواجدها في غرب إفريقيا غير المستقر"، صحيفة غارديان، ١٧ أبريل ٢٠٢٢.
- مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية، "تزايد المعلومات المضللة المحلية في أفريقيا"، أبرز الأخبار، ٦ أكتوبر ٢٠٢١.
- مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية، "إضاءة على ضباب المعلومات المضللة في ليبيا"، أبرز الأخبار، ٩ أكتوبر ٢٠٢٠.
- مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية، "حملات التضليل الروسية تستهدف إفريقيا: مقابلة مع الدكتور شيلبي غروسمان"، أبرز الأخبار، 1 فبراير ٢٠٢٠.
- جوزيف سيجل، "إدارة التقلبات مع الوصول الموسع إلى المعلومات في الدول الهشة"، في شانتي كالاثيل (محرر)، التنمية في عصر المعلومات، (واشنطن: جامعة جورج تاون، ٢٠١٣).
- ستيفن ليفينجستون، "أنظمة المعلومات المتطورة في إفريقيا: طريق إلى الأمن والاستقرار"، ورقة بحث رقم ٢ في مركز إفريقيا، مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية، مارس ٢٠١١.
More on: Disinformation Russia in Africa Democracy