توجهات ينبغي مراقبتها في الهجرة الأفريقية لعام ٢٠٢٥

سوف يستمر فرض القيود المشددة على الهجرة غير النظامية خارج القارة مقرونة بتصاعد عوامل الدفع من أجل تشكيل أولويات الحوكمة والأمن في أفريقيا، والتأكيد على الحاجة لمزيد من الابتكار الإقليمي لاستيعاب التحركات السكانية داخل القارة.


English | Français | العربية

تشهد القارة الأفريقية انخفاضًا في الهجرة غير النظامية إلى خارج القارة

  • لقد أفضت القيود المشددة المفروضة على المعابر الحدودية بين القارات إلى أوروبا وشبه الجزيرة العربية خلال العام الماضي إلى انخفاض كبير في الهجرة الأفريقية غير النظامية خارج القارة. لقد تم اعتراض ١٤٦,٠٠٠ من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين وصلوا إلى أوروبا ودول الخليج في العام ٢٠٢٤، وهذا يعادل تقريبًا نصف العدد المسجل عام ٢٠٢٣ والبالغ ٢٨٢,٠٠٠.
  • لقد شهد العام الماضي انخفاضًا كبيرًا في الهجرة الأفريقية غير النظامية خارج القارة.

    يعكس الانخفاض الحاد في الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى أوروبا جهود الحظر المتصاعدة بتمويل من الاتحاد الأوروبي في شمال أفريقيا (ليبيا، وتونس، والمغرب، ومصر) وغرب أفريقيا (السنغال وموريتانيا). وعلى سبيل المثال، ذكر المغرب أنه منع أكثر من ٤٥,٠٠٠ محاولة عبور إلى أوروبا، في حين اعتقل ١٧٧ عصابة لتهريب المهاجرين وأنقذ أكثر من ١٠,٨٠٠ شخص في البحر.
  • إن الانخفاض بنسبة ٥٤% في الهجرة غير النظامية (إلى ٤٤,٠٠٠ شخص) إلى اليمن (نقطة الدخول الرئيسية إلى دول الخليج) هو نتيجة لمجموعة من العوامل من ضمنها الصراع المسلح المستمر في اليمن والعمليات المكثفة التي يقوم بها خفر السواحل الجيبوتي واليمني لمنع عبور المهاجرين عبر باب المندب.
  • على الرغم من انخفاض نسبة الوفيات والاختفاء المسجلة بين المهاجرين إلى ١٥% في عام ٢٠٢٤، إلا أنه لا يزال هناك ما يقدر بـ ٤,٤٦٥ حالة وفاة من المهاجرين. ثلاثة أرباعهم في محاولات العبور البحرية إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.

  • لقد ساهمت عمليات الاعتراض في شمال وغرب أفريقيا في انخفاض محاولات عبور المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا بنسبة ٧٠% لتصل (إلى ٣٣,٥٠٠ شخص) على طول طريق وسط البحر الأبيض المتوسط، عبر ليبيا وتونس بشكل أساسي. لطالما كان طريق وسط البحر الأبيض المتوسط تاريخيًا المسار الأكثر استخدامًا للهجرة غير النظامية الذي يسلكه المواطنون الأفارقة إلى أوروبا.
  • ومع اعتراض ٣٦,٠٠٠ مهاجر أفريقي عام ٢٠٢٤، أصبح المحيط الأطلسي هو الطريق الأكثر استخدامًا للعبور غير النظامي من أفريقيا إلى أوروبا.

تعكس الهجرة الخارجية غير النظامية إلى أوروبا من بلدان المنشأ الرئيسية، (مالي) في عام ٢٠٢٤ و(غينيا) في عام ٢٠٢٣، تزايد القمع وتضاؤل فرص كسب العيش في ظل الطغمة العسكرية.

  • تصدرت مالي دول المنشأ في الهجرة غير النظامية إلى أوروبا في عام ٢٠٢٤، حيث بلغ إجمالي عدد المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا حوالي ١٦,٥٠٠ شخص. وفي عام ٢٠٢٣، تصدرت غينيا القائمة بحوالي ٢١,٧٠٠ شخص. وتعكس كلتا الحالتين تنامي القمع وتضاؤل فرص كسب العيش في هذين البلدين في ظل الطغمة العسكرية التي استولت على السلطة بالانقلابات.
  • ومن الممكن ملاحظة نموذج مشابه في تونس، التي تتصدر كافة الدول الأفريقية في عدد المهاجرين الذين تم اعتراضهم على الشواطئ الأوروبية على مدى السنوات الثلاث الماضية، نتيجة للتدهور الحاد في المجال السياسي هناك.

ارتفاع معدلات الهجرة غير الرسمية داخل أفريقيا

  • تشير تقديرات الأمم المتحدة (UN) إلى أن أفريقيا شهدت نموًا بنسبة ٢٥% في عدد المهاجرين الأفارقة (عدا عن اللاجئين وطالبي اللجوء) الذين يعيشون في بلد أفريقي آخر خلال العقد الماضي (من ١٢ مليونًا في عام ٢٠١٥ إلى ١٥ مليونًا في عام ٢٠٢٤). في حين من المرجح أن تكون هذه أقل من النسب الحقيقية نظرًا لطبيعتها غير الرسمية، إلا أن الهجرة الداخلية في أفريقيا جميعها تقريبًا هجرة عمالية بشكل أو بآخر. ويشمل ذلك تحركات العمال الموسمية بالإضافة إلى عمليات إعادة التوطين الدائمة بحثًا عن سبل العيش، وعادةً ما تكون في المراكز الاقتصادية المتحضرة.
  • نصف الأفارقة تقريبًا يفكرون في الهجرة.

    نظرًا لاستمرار عوامل الدفع المتمثلة في الحوكمة غير الخاضعة للمساءلة ومحدودية فرص العمل التي تواجه الأعداد المتزايدة من الشباب، تشير استطلاعات أفروباروميتر إلى أن ما يقرب من نصف الأفارقة تقريبًا قد فكروا في الهجرة – وهي زيادة كبيرة مقارنة بالنسبة المسجلة في الفترة من ٢٠١٦ – ٢٠١٨.
  • ومع توقع نمو عدد سكان أفريقيا بنسبة ٧٠ في المئة بحلول عام ٢٠٥٠ ليصل (إلى ٢.٤ مليار نسمة)، من المتوقع أن تستمر ضغوطات الهجرة هذه، ما من شأنه أن يؤدي إلى تغيير ديناميكيات الأمن، والاقتصاد، والحوكمة في كل المناطق الفرعية.

غرب ووسط أفريقيا

  • حوالي ٧٠% من تدفقات الهجرة عبر غرب ووسط أفريقيا تنطوي على هجرة العمال المؤقتة والموسمية والدائمة، حيث تعد المراكز الاقتصادية مثل ساحل العاج، وغانا، ونيجيريا بمثابة الوجهات الرئيسية.
  • ساحل العاج، على سبيل المثال، يستضيف ما يزيد على ٨ ملايين مهاجر من بوركينا فاسو، و٤٠٢,٠٠٠ من مالي، و١١٢,٠٠٠ من غينيا.
  • بالإضافة إلى الحوكمة الشديدة الوطأة، فإن فقدان الوظائف الناجم عن انعدام حماية موارد البلاد الطبيعية يعد من واحدًا من الدوافع الرئيسية الأخرى في هذه المنطقة. تشير التقديرات إلى أن الصيد غير القانوني وغير المنظم وغير المبلغ عنه (IUU) يكلف دول المنطقة ما يقدر بحوالي ٠.٢٦% من الناتج المحلي الإجمالي لديها. ويترجم هذا إلى فقدان ما يقدر بنحو ٣٠,٠٠٠  مصدر رزق، ويغرق في الوقت ذاته نحو ١٤٠,٠٠٠ شخص آخرين في براثن الفقر.

  • تشهد المنطقة الوسطى من أفريقيا حركة تنقلات داخلية تطوعية محدودة بين الدول، لأن معظم الفرص الاقتصادية موجودة خارج المنطقة في غرب أفريقيا.
  • تتمتع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) بحرية التنقل لمواطنيها المسجلين. ونتيجة لذلك، انتقل ما يقدر بنحو ٦ ملايين شخص داخل ECOWAS.
  • يعيش في غرب ووسط أفريقيا ما يقرب من ٥٠٠ مليون نسمة، نصفهم دون سن الخامسة عشرة. ويشمل ذلك بعضًا من أسرع البلدان الأفريقية نموًا، ما سيؤدي على الأرجح إلى زيادة دورة أنماط الهجرة ويمارس المزيد من الضغوط على المراكز الحضرية والاقتصادية. وتعد مالي، وهي الدولة الأفريقية ذات أكبر عدد من المهاجرين الذين تم اعتراضهم على الشواطئ الأوروبية في عام ٢٠٢٤، في طريقها لتحقيق زيادة بنسبة ٧١% في عدد السكان بين عامي ٢٠١٥-٢٠٣٠، وهو ما سيرفع عدد سكانها من ١٨ مليونًا إلى ٣١ مليون نسمة.

شرق أفريقيا

  • وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، هنالك ما لا يقل عن ٣.٦ مليون مهاجر للعمل في شرق أفريقيا. ونظرًا لعدم الاستقرار والجفاف الذي تشهده المنطقة في السنوات الأخيرة، تفاقمت الضغوط على المزيد من سكان شرق أفريقيا للهجرة داخل المنطقة وخارجها بحثًا عن العمل.
  • على الرغم من حرية التنقل للمواطنين المعترف بهم في التكتل الاقتصادي بمجموعة شرق أفريقيا (EAC) (إلى جانب الخطوات الأخيرة نحو تفعيل بروتوكولات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD) بشأن حرية تنقل الأشخاص وترحال الرعاة)، فإن الهجرة غير النظامية، والمخاطر التي تشكلها على المهاجرين لا تزال تمثل مشكلة.
  • هنالك أربعة ممرات رئيسية للهجرة في المنطقة:
    •  ممر القرن الأفريقي (باتجاه القرن الأفريقي وداخله)
    • الممر الشرقي (باتجاه دول شبه الجزيرة العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية)
    • الممر الجنوبي (باتجاه جنوب أفريقيا، ومعظمه للدول الواقعة على امتداد ساحل أفريقيا الشرقي)
    • الممر الشمالي (باتجاه شمال أفريقيا)

اعتراض مهاجرين أفارقة غير نظاميين عبر الحدود اليمنية والأوروبية

معظم حركات الهجرة في القرن الأفريقي ناجمة عن الهجرة الدورية.

  • يعد الممر الشمالي أقل الممرات استخدامًا من قبل سكان شرق أفريقيا. لطالما كان السودان من الوجهات الرئيسية التي يقصدها سكان شرق أفريقيا (معظمهم من الإثيوبيين) للعمل الموسمي. إلا أنه منذ اندلاع الصراع في السودان في أوائل عام ٢٠٢٣، لم تشهد منطقة شرق أفريقيا سوى نزوح قليل جدًا نحو الشمال.
  • يقصد الطريق الجنوبي ما بين ٧% إلى ٨% من مهاجري شرق أفريقيا. ٧٦% منهم يميلون للتحرك نحو كينيا. أقل من ربع هؤلاء (٢١%) يهدفون للوصول إلى جنوب أفريقيا. وتقوم دول العبور بشكل منتظم على امتداد هذا الممر، مثل كينيا، وملاوي، وموزمبيق، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي باعتقال المهاجرين غير النظاميين.
  • يشكل الإثيوبيون (٨٥%) والصوماليون (١٤%) غالبية مهاجري شرق أفريقيا على الممر الجنوبي. الكثير من المهاجرين الإثيوبيين هم من الذكور ومن المناطق التي شهدت نموًا سكانيًا سريعًا وانهيارًا بيئيًا.

الجنوب الأفـريقي

  • يأتي معظم المهاجرين إلى منطقة الجنوب الأفريقي من داخل البلدان الأعضاء في مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (SADC)، ويتوجه معظمهم نحو الاقتصاد الهائل في جمهورية جنوب أفريقيا. ويشكل العمال المهاجرون ما يقدر بنحو ٩% (حوالي ١.٤ مليون) من القوى العاملة في جنوب أفريقيا.
  • تُظهر بيانات التعداد السكاني في جنوب أفريقيا أن ٨٤% من المهاجرين الدوليين هم من بلدان مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي. وتتمثل بلدان المنشأ الرئيسية في زيمبابوي (٤٨.٥%)، وموزمبيق (٢٠%) وليسوتو (١١%) وملاوي (١٠%).
  • لقد أثر الجفاف الحاد الناجم عن ظاهرة النينيو على معظم المنطقة في عام ٢٠٢٤، ما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة، والتضخم الغذائي، وانعدام الأمن الغذائي. وتسبب كل ذلك في زيادة هجرة العمالة المؤقتة إلى جنوب أفريقيا.

مستجدات ينبغي مراقبتها

  • إن لعوامل الدفع المستمرة، مثل الحوكمة الاستبدادية والنمو السكاني المقترن بانخفاض سبل الهجرة خارج القارة، دور في إبراز أهمية المستجدات في مجال السياسات في القارة التي من الممكن أن توفق على أكمل وجه بين العمال وفرص العمل مع تعزيز سبل حماية المهاجرين في الوقت نفسه.
  • إن تضاؤل سبل الهجرة خارج القارة يؤكد على أهمية مستجدات السياسة التي من الممكن أن توفق بالشكل الأمثل بين العمال وفرص العمل.

    أصبحت غانا خامس دولة تلتزم بإتاحة الوصول دون تأشيرة لجميع الأفارقة، وهي خطوة نحو هدف الاتحاد الأفريقي المتمثل في حرية التنقل لجميع الأفارقة.
  • تهدف خطة بنك التنمية الأفريقي والبنك الدولي المسماة “المهمة ٣٠٠” إلى إضاءة منازل ٣٠٠ مليون شخص ممن يفتقرون حاليًا للطاقة بحلول عام ٢٠٣٠. وينطوي ذلك على إمكانية الحث على خلق فرص العمل في القارة مع التخفيف من عامل الدفع الرئيسي في المناطق الريفية.
  • في منطقة يشكل فيها الشباب ثلاثة أرباع السكان، وحيث تبلغ معدلات البطالة بين الشباب في بعض البلدان ٥٠%، تقوم مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (SADC) بتشجيع حركة العمالة الحرة بين أعضائها الستة عشر، على غرار المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) أو مجموعة شرق أفريقيا (EAC).
  • لقد وقعت كل من أنغولا، وإسواتيني، وملاوي على بروتوكول مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي لعام ٢٠٢٣ الخاص بالتوظيف والعمالة، والذي يعد من المبادرات التي تهدف إلى تسخير المكسب الديمغرافي للمنطقة من خلال تعزيز الممارسات الجيدة في حوكمة الهجرة العمالية مثل إمكانية نقل مزايا الضمان الاجتماعي للعمال المهاجرين.
  • يعمل الاتحاد الأوروبي لتوسيع نطاق فرص الحصول على تأشيرات العمل من خلال التوفيق بين المهارات والاحتياجات بين دوله الأعضاء ومختلف بلدان المنشأ، بما في ذلك الدول الأفريقية.
  • لقد أبرمت ألمانيا اتفاقيات هجرة مع العديد من الدول -بما في ذلك كينيا، والمغرب، ونيجيريا– الأمر الذي وفر مزيدًا من تأشيرات العمل للعمال المهرة (من سائقي الحافلات إلى الأطباء) للمساعدة في سد النقص السنوي في العمالة والذي يقدر بنحو ٢٨٨,٠٠٠ عامل في ألمانيا وذلك بسبب شيخوخة السكان. من الممكن لهذه الترتيبات أن تساعد في زيادة التحويلات المالية وتوفير الخبرة المهنية التي يمكن مشاركتها في الوطن.
  • وفي ضوء الظروف القاسية وتهديدات السلامة الشخصية التي يتعرض لها المهاجرون من شرق أفريقيا على الطرق الشرقية والجنوبية (بما في ذلك الاتجار بالأشخاص، والاعتقال والحجز التعسفيان، والهجمات المعادية للأجانب)، تتعاون الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD) والأمم المتحدة، وحكومات شرق أفريقيا لتحسين الوصول للخدمات الأساسية على امتداد هذه الطرق.
  • تم إنشاء إدارة العمال المهاجرين في الفلبين لتعزيز الجهود المبذولة على مستوى الحكومة من أجل حماية حقوق ورفاهية العمال الفلبينيين في الخارج. وقد تنطوي هذه التجربة على دروس يمكن الاستفادة منها لحماية المواطنين الأفارقة العاملين في الخارج، وخاصة بالنسبة للدول الأفريقية التي يبدو أنها تعتمد على العمال الأجانب كجزء من استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية.

مصادر أضافية