تعزيز الروابط بين حركة الشباب والحوثيين يصعد التهديدات الأمنية في منطقة البحر الأحمر

يعمل التعاون المتزايد بين حركة الشباب والحوثيين على تمكين كلتا الجماعتين المسلحتين ويساهم في تفاقم التهديدات البحرية والبرية على جانبي خليج عدن.


A large missile sits on a carrier with Houthi soldiers standing around it

عرض صاروخ أرض- أرض في استعراض عسكري للحوثيين في صنعاء، عاصمة اليمن. (صورة من: وكالة فرانس برس/محمد حويس)

تعمل دلائل التعاون المتصاعد بين حركة الشباب في الصومال والحوثيين في اليمن على تفاقم المخاطر التي تهدد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وخليج عدن، وغرب المحيط الهندي، وتعمل في الوقت نفسه على تعزيز القدرات التخريبية لكلتا الجماعتين.

في استعراض لدعمهم لحركة حماس في صراعها مع إسرائيل، استخدم الحوثيون طائرات مسيّرة، وصواريخ، وقوارب صغيرة منذ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢٣ لاستهداف ما يزيد على ١٠٠ سفينة تجارية (أصيبت ٤٨ سفينة، تم إعطاب ٦ منها) كانت تحاول اجتياز مضيق باب المندب الذي يبلغ طوله ٧٠ ميلًا وعرضه ٢٠ ميلًا (أضيق عرض) ويفصل بين أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.

كما تصاعدت أعمال القرصنة في المنطقة. لم يكن هناك نشاط يذكر للقرصنة منذ عام ٢٠١٥، وكانت آخر عملية اختطاف في عام ٢٠١٩. لكن منذ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢٣، وقع ٤٧ حادثًا مرتبطًا بالقرصنة في خليج عدن وغرب المحيط الهندي.

كان لتصاعد انعدام الأمن آثار اقتصادية مباشرة على الاقتصاد العالمي. أما حركة الشحن عبر قناة السويس (التي تمثل حوالي ١٢- ١٥ في المئة من التجارة العالمية و٣٠ في المئة من حركة سفن الحاويات) فقد انخفضت بنسبة ٥٠- ٦٠ في المئة.


 انقر للحصول على نسخة PDF قابلة للطباعة

لقد ازدادت عمليات إعادة توجيه السفن التجارية حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا بنسبة ٤٢٠ في المئة. ما كان من شأنه أن يضيف ما يصل إلى أسبوعين و٦,٠٠٠ ميل بحري إلى رحلات تلك السفن. حيث قفزت تكلفة الشحن في عام ٢٠٢٤ إلى ما يقرب من ٦,٠٠٠ دولار لكل حاوية من ١,٦٦٠ دولارًا في عام ٢٠٢٣، ما رفع التكاليف على المستهلكين. وشهدت مصر انخفاضًا في إيراداتها السنوية من حركة الملاحة عبر قناة السويس والتي تبلغ حوالي ١٠ مليارات دولار أمريكي بنسبة تزيد عن ٧٠%، متكبدةً خسارة شهرية قدرها ٨٠٠ مليون دولار أمريكي.

ومن خلال هذه العلاقة، تحصل حركة الشباب على عتاد عسكري محسن (طائرات مسيرة مسلحة، وصواريخ باليستية) وتتلقى التدريبات. وفي الوقت نفسه، تتمكن حركة الشباب من توسيع وترسيخ المشاريع الإجرامية التي تمول عملياتها.

يؤدي هذا التعاون إلى توسيع القدرات المزعزعة للاستقرار لهذه الجماعات المسلحة على جانبي مضيق باب المندب.

يستفيد الحوثيون من دعم حركة الشباب لنشاط القرصنة التخريبي في خليج عدن وغرب المحيط الهندي بالإضافة لاستفادتهم من تنوع شرايين الإمداد. وهذا من شأنه أن يعزز قدرة الحوثيين على تهديد الحركة البحرية في المنطقة ويعمق في الوقت ذاته من نفوذهم في مواجهة حكومة اليمن التي تدعمها الأمم المتحدة.

ويؤدي هذا التعاون إلى توسيع قدرات هاتين الجماعتين المسلحتين على زعزعة الاستقرار على جانبي مضيق باب المندب ويزيد أيضًا من تعقيد تحديات مراقبة مسافة ١٨٠٠ ميل مهددة بالخطر على طول ساحل البحر الأحمر، وخليج عدن، وغرب المحيط الهندي.

التعاون المتنامي

في شباط/فبراير ٢٠٢٥، أفادت الأمم المتحدة بوجود أدلة ليس فقط على وجود اتصالات بين الحوثيين وحركة الشباب وإنما على اجتماعات فعلية في عام ٢٠٢٤ تتعلق بنقل العتاد العسكري والتدريب من الحوثيين إلى حركة الشباب مقابل زيادة عمليات القرصنة وتهريب الأسلحة. في السابق، كان معظم المراقبين يعتقدون أن حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة لا تتعاون مع الحوثيين، وهي جماعة ذات أيديولوجية وأجندة مختلفة تستفيد من الدعم والمساعدات الإيرانية.

الحوثيون (المعروفون أيضًا باسم أنصار الله) هم حركة شيعية زيدية تحارب الحكومة اليمنية ذات الأغلبية السنية والمعترف بها دوليًا في اليمن منذ عام ٢٠٠٤. تقوم إيران بشحن الأسلحة للحوثيين منذ شهر نيسان/أبريل ٢٠١٥. وفي عام ٢٠١٧، صعّد الحوثيون من نطاق هجومهم بإطلاق صواريخ باليستية على المملكة العربية السعودية، وعلى الإمارات العربية المتحدة في عام ٢٠٢٢، وكلاهما من داعمي الحكومة اليمنية.

حركة الشباب (المعروفة أيضًا باسم حركة الشباب المجاهدين) هي جماعة إسلامية سنية متشددة تأسست في عام ٢٠٠٦، وهي تمثل التهديد الرئيسي لحكومة الصومال حيث تهدف لإقامة دولة إسلامية في المناطق ذات الأصول الإثنية الصومالية في جيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا. تعد حركة الشباب جزءًا من شبكة تنظيم القاعدة وقد قامت باستهداف بعض دول المنطقة التي تدعم قوات الاتحاد الأفريقي لتحقيق الاستقرار في الصومال بالإضافة للولايات المتحدة. وتُعد حركة الشباب واحدة من الجماعات الإسلامية المتشددة الأكثر حظًا في الموارد في أفريقيا، وتسيطر على مساحات واسعة من الأراضي في الصومال.

وما دام التحالف قائمًا بين الحوثيين وحركة الشباب، فإن حركة الشحن عبر قناة السويس ستبقى في خطر دائم.

حتى وقت قريب، لم يكن هناك سبب يذكر للتعاون بين الطرفين. وفي الواقع، كان فرع حركة الشباب في اليمن، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP)، التابع لحركة الشباب في اليمن، في الماضي هدفًا للهجمات الحوثية. ومع ذلك، فمنذ عام ٢٠٢٢، حافظ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والحوثيون على ميثاق بعدم الاعتداء وشمل التعاون في المجال الأمني والاستخباراتي، وتوفير ملاذات آمنة لبعضهما بعضًا، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية اليمنية.

وقد أتاح بدء الصراع بين إسرائيل وحماس في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣ فرصة للجماعتين على جانبي المضيق للاستفادة من الترتيب البراغماتي بين الحوثيين وشبكة تنظيم القاعدة لتصعيد حالة انعدام الأمن في منطقة عمليات إقليمية أوسع نطاقًا مع تعزيز مصالح كل منهما.

تحيط سواحل الصومال واليمن بخليج عدن بشكل كامل تقريبًا. وما دام الحوثيون وحركة الشباب محافظين على التحالف بينهما، ويطورون من قدراتهم في هذه العملية، فإن حركة الشحن عبر قناة السويس ستكون معرضة باستمرار لخطر الهجوم، أو دفع ضريبة “الحماية” أو فدية (بسبب القرصنة) لإحدى المجموعتين أو كلتيهما.

فوائد للحوثيين

ومع توسع النفوذ الإقليمي للحوثيين، توسّعت شبكة شركائهم الدوليين لتشمل روسيا والمقاومة الإسلامية في العراق. تحتفظ روسيا بأفراد من الاستخبارات العسكرية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وقد زودت الجماعة ببيانات استخباراتية ملتقطة عبر الأقمار الصناعية. ويعتمد هذا النشاط الأوسع على الحفاظ على سلسلة توريد الأسلحة وتوسيع مصادر التمويل اللازمة لتغطية تكاليفها.

وتفيد التقارير بأن الحوثيين يكسبون ما يقدر بـ ١٨٠ مليون دولار أمريكي شهريًا من رسومٍ يدفعها وكلاء شحن لا يتم الكشف عن هويتهم.

وكنتيجة لاعتدائهم على السفن واستمرار حالة عدم الاستقرار في منطقة البحر الأحمر، تفيد التقارير بأن الحوثيين يكسبون ما يقدر بـ ١٨٠ مليون دولار أمريكي شهريًا من رسوم يدفعها وكلاء شحن لا يتم الكشف عن هويتهم لتأمين المرور الآمن في المنطقة.

ولقد كان للتعاون مع حركة الشباب وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أثر على تسهيل وصول الحوثيين إلى بحر العرب وغرب المحيط الهندي. وعلاوة على ذلك، فإن شبكة حركة الشباب من المقاتلين، والمتعاطفين، والمهربين عبر الصومال وشمال كينيا تمنح الحوثيين مزيدًا من الفرص للحصول على شحنات الأسلحة (التي جاء الكثير منها من إيران) من المحيط الهندي في زوارق صغيرة بمحاذاة الساحل أو برًا إلى خليج عدن حيث قد تكون لديهم فرصة أفضل للوصول إلى الشواطئ اليمنية.

في كانون الثاني/يناير ٢٠٢٤، تم اعتراض مركب شراعي في المياه الصومالية وعلى متنه مكونات صواريخ باليستية وصواريخ كروز، ومعدات التوجيه ورؤوس حربية لصواريخ باليستية متوسطة المدى (MRBM)، وصواريخ كروز مضادة للسفن (ASCM) كانت متوجهة إلى اليمن. كانت هذه واحدة مما لا يقل عن ١٠ عمليات اعتراض للأسلحة المهربة تم توثيقها من قبل الأمم المتحدة وجهات أخرى ما بين تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣ وحتى عام ٢٠٢٤. في آب/أغسطس ٢٠٢٤، ضبطت قوات المقاومة الوطنية اليمنية سفينة تقوم بتهريب خلايا وقود هيدروجيني، والتي يعتقد الخبراء أنها ستسمح للطائرات المسيرة الحوثية بحمل حمولات أكبر والسفر لفترات أطول ولمسافات أبعد بكثير.

توضيح عمليات اعتراض الأسلحة بين الصومال واليمن منذ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣.

التاريخالمكانالجهة المنفذة للاعتراضالتفاصيل
٢٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣ميناء بوصاصو، الصومالقوات شرطة بونتلانداستولت شرطة بونتلاند على سفينة تحمل أسلحة وذخيرة بزعم تهريبها من اليمن. واشتملت الأسلحة على بنادق كلاشنكوف، ورشاشات من طراز PKM، ومسدسات. تم اعتقال أحد المشتبهين.
٢٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣الغيضة، اليمنقوات الشرطة اليمنيةاعترضت شرطة الغيضة شحنة من ٢٥٠ قطعة من الأسلحة الخفيفة من مواطنين صوماليين.
١١ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٤على بعد ٤٩ ميلاً بحريًا شمال غرب سوقطرة، اليمنالبحرية الأمريكيةتم اعتراضها وهي في طريقها إلى الساحل الصومالي. وكان المقصود نقل الحمولة من سفينة إلى سفينة ثم إلى اليمن. وشملت الأسلحة مكونات لصواريخ MRBM و ASCM، ومكونات الدفع والتوجيه. تم اعتقال أربعة عشر مشتبهًا به.
٧ شباط/فبراير ٢٠٢٤راس عسير، الصومالقوات الشرطة البحرية في بونتلاندالاستيلاء على قارب محمل بأسلحة مخصصة للقراصنة. تم اعتقال ثلاثة مشتبهين.
٧ شباط/فبراير ٢٠٢٤كارمو، الصومالقوات شرطة بونتلاندالاستيلاء على أسلحة. وتم اعتقال خمسة مشتبهين بانتمائهم لحركة الشباب.
١٥ شباط/فبراير ٢٠٢٤الشحر، اليمنالسلطات اليمنيةالسلطات اليمنية تلقي القبض على ٦ مشتبه بهم بزعم أنهم متورطون في تهريب الأسلحة من المهرة إلى بربرة على ساحل الصومال وعلى صلة بأفراد في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
٢ أيار/مايو ٢٠٢٤إيل، الصومالقوات الشرطة البحرية في بونتلاندالاستيلاء على أسلحة واعتقال مشتبهين بالقرصنة في عملية لمكافحة القرصنة.
١٨ أيار/مايو ٢٠٢٤بوصاصو، الصومالقوات الشرطة البحرية في بونتلاندالاستيلاء على أسلحة. اعتقال أربعة مشتبه بهم.
حزيران/يونيو ٢٠٢٤بالقرب من بوصاصو، الصومالقوات الأمن في بونتلاندالاستيلاء على طائرات مسيرة انتحارية جنوب بوصاصو. يعتقد ضباط قوات الأمن في بونتلاند أن الطائرات المسيرة جاءت من المسلحين الحوثيين في اليمن. اعتقال سبعة أشخاص يشتبه في انتمائهم لحركة الشباب.
٣ آب/أغسطس ٢٠٢٤مخا، اليمنقوات المقاومة الوطنية اليمنيةالاستيلاء على كمية كبيرة من المكونات غير المعلن عنها لتطوير أسلحة تقليدية متقدمة، بما في ذلك طائرات دون طيار (UAVs) وأسطوانات هيدروجين مخصصة لنظام خلايا الوقود للطائرات دون طيار.
٤ آب/أغسطس ٢٠٢٤بوصاصو، الصومالقوات الشرطة البحرية في بونتلاند ووكالة الاستخبارات والأمن في بونتلاندالاستيلاء على أسلحة تتضمن ذخيرة مضادة للطائرات، ورشاشات من طراز PKM، وبنادق كلاشنكوف، ومسحوق تي إن تي، وقنابل يدوية، وبزات للتنكر، تم اعتقال أربعة مشتبهين.
تموز/يوليو – أيلول/سبتمبر ٢٠٢٤شبيلي السفلى، الصومالبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال ATMIS))تلقت حركة الشباب كمية من الأسلحة والذخائر والمتفجرات المتنوعة من اليمن عبر ميناءي ميركا وبراوي.
١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٥براويقوى الأمن الأمريكية والصوماليةنفذت القوى الأمنية الأمريكية والصومالية غارة جوية. استهدفت سفنًا مجهولة الهوية تحمل أسلحة متطورة تابعة لحركة الشباب بالقرب من براوي.

المصادر: الأمم المتحدة، منتدى الدفاع الأفريقي، أبحاث التسلح في النزاعات، بيانات مواقع وأحداث الصراع المسلح (ACLED)

فوائد لحركة الشباب

على الرغم من قدرتها على صنع العبوات الناسفة البدائية الخاصة بها، وسرقة الأسلحة من الجيش الوطني الصومالي وقوات الاتحاد الأفريقي، والحفاظ على تجارة تهريب الأسلحة (مثل قاذفات الصواريخ، والرشاشات وبنادق القنص)، إلا أن حركة الشباب كابدت الكثير للحصول على الأسلحة المتقدمة. ومن خلال المساعدة في الحفاظ على طرق التجارة الحوثية مفتوحة وزيادة عمليات القرصنة قبالة السواحل الصومالية، حصلت حركة الشباب على أسلحة متقدمة وتدريبات من الحوثيين، بما في ذلك الطائرات المسيرة المسلحة.

توصلت الأمم المتحدة إلى أن حركة الشباب قد تلقت تعليمات فنية من الحوثيين وشحنات أسلحة من اليمن في الفترة ما بين حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر من عام ٢٠٢٤. وقد استخدمت حركة الشباب هذه الأسلحة في هجماتها ضد قوات الاتحاد الأفريقي في أيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر. كما اكتشفت الأمم المتحدة أن حركة الشباب أرسلت أكثر من مجموعة من العناصر إلى اليمن لتلقي التدريبات على يد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بما في ذلك تكنولوجيا الطائرات دون طيار.

في آب/أغسطس ٢٠٢٤، ألقت سلطات بونتلاند القبض على سبعة أشخاص يُشتبه في انتمائهم لحركة الشباب واستولت على خمس طائرات انتحارية مسيرة. لقد استخدمت حركة الشباب الطائرات المسيرة لسنوات لجمع المعلومات الاستخبارية، والاستطلاع، وإنتاج أفلام دعائية، لكنها لم تستخدم حتى الآن طائرات مسيرة مسلحة. ويعتقد الخبراء أن هذه مجرد بداية لأسلحة أكثر تقدمًا قد تأتي بعد التدريب على يد الحوثيين. وقد أظهرت حركة الشباب قدرات أكبر ونشرت طائرات مسيرة في هجوم عام ٢٠٢٥ حيث تمكنت من استعادة مساحات شاسعة من الأراضي التي سيطرت عليها الحكومة الصومالية في السنوات السابقة.

A large tanker ship is guided by tugboat into port, while other tankers wait in the background.

ناقلة النفط التي ترفع العلم اليوناني “سونيون” بعد تعرضها لأضرار بالغة جراء هجمات الحوثيين المتكررة قبالة السواحل اليمنية في آب/أغسطس ٢٠٢٤. (الصورة: نور فوتو/نيكولاس كوتسوكوستاس)

وقد قدر خبراء صناعة الشحن البحري أن تغيير مسار السفن التجارية جنوب رأس الرجاء الصالح قد زاد أيضًا من فرص الدخل للقراصنة برعاية حركة الشباب. على سبيل المثال، فإن اختطاف القراصنة الصوماليين للناقلة إم في عبد الله (MV Abdullah) على بعد ٦٠٠ ميل بحري قبالة مقديشو في نيسان/أبريل من عام ٢٠٢٤، قد أكسبهم ٥ ملايين دولار. يمكن للضرائب المتأتية من القرصنة أن تزيد من عائدات حركة الشباب التي تقدر بـ ٢٠٠ مليون دولار سنويًا وتساعد في دفع توسعها الإقليمي.

التصدي للتحالف بين الحوثيين وحركة الشباب

منذ بداية الهجمات الحوثية على البحر الأحمر، تم تحريك بعثتين بحريتين دفاعيتين إقليميتين –عملية بروسبيرتي غارديان بقيادة الولايات المتحدة وعملية أسبايدس بقيادة الاتحاد الأوروبي– لاعتراض الهجمات الحوثية، ومرافقة السفن التجارية، وإنقاذ السفن المنكوبة واستعادتها.

ابتداءً من عام ٢٠٢٤، شنت المملكة المتحدة والولايات المتحدة غارات جوية على أهداف للحوثيين للحفاظ على الممر البحري. وجاء هذا بالإضافة إلى الدعم العسكري المتواصل من السعودية والإمارات للحكومة اليمنية المعترف بها من الأمم المتحدة.

يبدو أن طرق التهريب أكثر ما تتركز في منطقة بونتلاند في شمال الصومال، حيث يتم نقل الأسلحة من هناك إلى معاقل حركة الشباب في المناطق الوسطى والجنوبية من البلاد. ولمنع هذا الطريق والحيلولة دون عودة ظهور القرصنة الصومالية، قامت قوات الشرطة البحرية في بونتلاند والقوات البحرية الدولية (بما في ذلك القوات البحرية الهندية والبريطانية والأمريكية) بإحباط عدد من حوادث القرصنة. وعلاوة على ذلك، وسع الاتحاد الأوروبي من نطاق عمليته البحرية لمكافحة القرصنة “أتالانتا”، وبعثته الساعية لبناء القدرات الأمنية البحرية (EUCAP الصومال)، وبعثته للتدريب العسكري (EUTM الصومال).

وقد عملت الحكومة الفيدرالية الصومالية، إلى جانب الولايات الأعضاء في الحكومة الفيدرالية، والميليشيات القبلية، وقوات الاتحاد الأفريقي، على استدامة الصراع المتعدد الجبهات مع حركة الشباب ليشمل معظم أنحاء وسط وجنوب الصومال. وقد أسفر هذا القتال عن مقتل ما يقرب من ٤,٥٠٠ شخص في عام ٢٠٢٤ فقط.

يعكس التحالف بين الحوثيين وحركة الشباب الاستفادة من تشديد الخناق الدولي الفاعل على حدود دولتين من أفقر دول العالم.

في آذار/مارس ٢٠٢٥، مددت الأمم المتحدة نظام العقوبات الطويل الأمد المفروض على حركة الشباب وجددت ولاية فريق خبرائها المعني بالشؤون الصومالية لإجراء مزيدٍ من التحقيقات وإعداد تقرير عن تمويل حركة الشباب وأنشطتها.

وعلى الرغم من هذه الجهود الجماعية، أثبت كل من حركة الشباب والحوثيين أنهم مفسدون عنيدون.

يعكس التحالف بين الحوثيين وحركة الشباب الاستفادة من تشديد الخناق الدولي الفاعل على حدود اثنتين من أفقر دول العالم لرفع مستوى التهديد الذي تشكله كل من الجماعتين المسلحتين. إن زيادة الموارد المالية والدراية التكنولوجية لكل منهما لا تقتصر على عرقلة أي تقدم في تحقيق الاستقرار في الصومال واليمن فحسب، وإنما من شأنها أن تؤدي إلى توسيع نطاق انتشار كل من هذين الطرفين غير الحكوميين الفاعلين في المنطقة وخارجها.

وبدوره فإن استمرار غياب القانون والاستقرار في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن من شأنه أن يتسبب في اضطراب كبير للأمن الدولي والاقتصاد العالمي.

ونظرًا لأن كلتا الجماعتين المتشددتين تتحصنان في البلدان المضيفة لكل منهما، فإن إضعاف هذا التهديد بشكل كبير سيتطلب أكثر من مجرد عمل بحري. كما ستكون هناك حاجة إلى بذل جهود مستدامة للحد من السيطرة الإقليمية لكل من الجماعتين لأن هذه القواعد البرية كانت بمثابة المنصات التي تمكنت من خلالها الجهات الفاعلة غير الحكومية من شن هجماتها البحرية، وتوسيع المجال لتدفق المزيد من إيراداتهما، وبناء قدراتهما العسكرية.


مصادر أضافية